افتتحت، أمس الاثنين، بمراكش، أشغال الدورة العادية التاسعة والثلاثين لمجلس إدارة المركز الإسلامي لتنمية التجارة، وذلك بمشاركة الدول الأعضاء بالمجلس، التي جرى انتخابها خلال الجمع العام الذي انعقد بمدينة جدة في يناير الماضي.
ويأتي انعقاد هذا المجلس في وقت تبحث فيه الدول الأعضاء عن السبل والوسائل الكفيلة بالنهوض بالتجارة البينية بين دول منظمة التعاون الإسلامي لبلوغ نسبة 25 بالمئة من تجارتها الخارجية، وفقا لأهداف برنامج التنمية العشري للمنظمة .
ويبحث المجلس، خلال الدورة، الإجراءات المتخذة لتنمية التجارة والشراكة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لا سيما في ما يتعلق بتسهيل التجارة وتطوير الاندماج الإقليمي.
وأعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، السيد حسين إبراهيم طه، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، عن امتنانه لدعم صاحب الجلالة الملك محمد السادس الثابت للمنظمة، ولأنشطة المركز الإسلامي لتنمية التجارة، مشيرا إلى أن مجلس الإدارة ينعقد في ظرفية مطبوعة بالأزمة الصحية العالمية التي أرخت بتداعياتها على الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مما أدى إلى انكماش اقتصادي، وتراجع في الاستثمارات والصادرات والأنشطة السياحية، مما فاقم مؤشرات الفقر والبطالة.
وأفاد السيد إبراهيم طه، في هذه الكلمة التي تلاها نيابة عنه المدير العام لقسم الشؤون الاقتصادية بمنظمة التعاون الإسلامي، السيد ناجي جباروف، بأن وباء كورونا ساهم في فقدان 53.6 مليون وظيفة في البلدان الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي. كما أن التجارة البينية بين الدول الأعضاء في المنظمة انخفضت بشكل ملحوظ في عام 2021.
وفي هذا السياق، سلط السيد إبراهيم طه الضوء على الإجراءات التي اتخذتها الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للتخفيف من التداعيات السلبية لوباء (كوفيد -19)، ومن ضمنها الدعم الاجتماعي المباشر وتمديد الإعفاءات الضريبية، معربا عن استعداد الأمانة العامة للمنظمة لتخصيص مواردها لدعم الجهود الجماعية للدول الأعضاء لمواجهة آثار الأزمة الصحية العالمية.
وسجل، في هذا الاتجاه، الحاجة إلى إعطاء أولوية قصوى لتعزيز التجارة والاستثمار والمشاريع السياحية بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، ودعوة المركز الإسلامي لتنمية التجارة إلى بلورة استراتيجيات وتوصيات ملموسة لتعزيز القطاع السياحي بين الدول الأعضاء في المنظمة، بما في ذلك تنظيم المعارض السياحية، وتنفيذ خارطة طريق استراتيجية لترويج السياحة الإسلامية وبدء البرنامج الخاص للاحتفال السنوي بالمدن السياحية بالمنظمة.
كما اعتبر السيد إبراهيم طه أن من شأن إنشاء قواعد بيانات للفرص التجارية في كل دولة تحفيز التجارة البينية في منظمة التعاون الإسلامي.
من جهته، أبدى مدير التجارة الداخلية والتوزيع بوزارة التجارة والصناعة، السيد رشيد سراخ، ارتياحه للجهود التي يبذلها المركز الإسلامي لتنمية التجارة لتعزيز الاندماج الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مشيرا إلى أن هذا المجلس الإداري يمثل فرصة سانحة لتقييم مختلف الأنشطة المنجزة تحت إشراف المركز وبالتعاون مع شركائه.
وفي هذا الاتجاه، أشاد السيد سراخ بالأنشطة التي يقوم بها المركز الإسلامي لتنمية التجارة بالرغم من الظروف العالمية غير المواتية، الناجمة عن الانعكاسات السلبية لوباء كوفيد -19، لا سيما أنشطة ترويج التجارة والاستثمار وبرامج بناء القدرات والدعم التقني ومشروع توفير بيانات اقتصادية وتجارية دقيقة، إضافة إلى خطة عمل المركز الإسلامي لتنمية التجارة للسنة المقبلة واستراتيجيته للفترة 2022-2024.
وأضاف أن “المملكة تجدد التزامها بدعم المركز وأنشطته وفقا لرؤية وتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس بشأن تعزيز العمل الإسلامي المشترك” ، مشيرا إلى أن حجم المبادلات التجارية بين المملكة المغربية والدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي شهد في عام 2020 نسبة كبيرة قدرت بأكثر من 9 ملايير دولار، على الرغم من تراجع التجارة الدولية بسبب إغلاق الحدود والإجراءات الصحية الاحترازية”.
وأشار إلى أنه “تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، قدم المغرب الدعم المناسب للعديد من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي من أجل مساعدتها على التعامل مع تداعيات وباء كوفيد -19” ، مسلطا الضوء على تدبير المغرب الرائد للوباء، والذي جعل المملكة نموذجا في هذا المجال على المستوى الدولي.
من جانبها، أكدت المديرة العامة للمركز الإسلامي لتنمية التجارة، السيدة لطيفة البوعبدلاوي، على الأهمية التي يوليها المغرب لتعزيز التعاون والتضامن بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مشيرة إلى أن هذا المجلس ينعقد في وضع عالمي معقد، مما يستدعي المزيد من التعاون بين الدول الأعضاء في المنظمة من خلال إنجاز مشاريع الشراكة الاقتصادية بين بلدان الجنوب، بالنظر إلى الإمكانات الهائلة التي تختزنها هذه البلدان.
وأوضحت أن “الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي مدعوة لبذل المزيد من الجهود لزيادة التجارة البينية في المنظمة عبر تقليل الحواجز الجمركية وتسهيل التجارة”، مضيفة أن حجم المبادلات التجارية بين الدول الأعضاء بلغ 591 مليار دولار سنة 2020، مقابل 556 مليار دولار سنة 2016.
كما أعربت السيدة البوعبدلاوي عن امتنانها لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على الدعم المستمر الذي يحيط به جلالته منظمة التعاون الإسلامي، والمركز الإسلامي لتنمية التجارة على وجه الخصوص، تعزيزا للعمل الإسلامي المشترك.
ويشارك في أشغال الدورة العادية التاسعة والثلاثين لمجلس إدارة المركز الإسلامي لتنمية التجارة كل من المملكة العربية السعودية وبنغلاديش والكاميرون وكوت ديفوار وإندونيسيا والمغرب ونيجيريا وباكستان وتونس.
كما يشارك في هذا الاجتماع ممثلون عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ووكالة بيت مال القدس الشريف، ومكتب التنسيق للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري، والبنك الإسلامي للتنمية، ومركز البحوث الإحصائية الاقتصادية والاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية، والمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي، والغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة، ومنظمة الشباب الإسلامي، ومعهد المواصفات والمقاييس للدول الإسلامية، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، والتأمين الإسلامي للاستثمار وائتمانات التصدير، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة.
وسيتم خلال هذه الدورة أيضا، اعتماد مشروع برنامج العمل لسنة 2023، والذي يهدف إلى مساعدة دول منظمة التعاون الإسلامي على الاستفادة من فرص التجارة والاستثمار التي توفرها أسواق الدول الأعضاء البالغ عددها 57 دولة عضوا في هذه المنظمة.