تجد مصافي النفط الواقعة على ساحل الخليج الأمريكي نفسها وجهًا لوجه أمام مُعضلة، مع ارتفاع الطلب على النفط الحامض، حيث دخلت مصافي قناة السويس في مصر على الخط.
وتشهد أسعار النفط الحامض صعودًا قياسيًا عالميًا في الآونة الأخيرة، في ظل تراجع إنتاج النفط، متأثرًا بقرارات طوعية اتخذتها بعض الدول الأعضاء في تحالف أوبك+ مؤخرًا، تهدف إلى تحقيق الاستقرار في السوق العالمية.
والمرجح أن يؤدي تزايد الطلب على النفط الحامض إلى هبوط إمدادات تلك السلعة الواصلة إلى مصافي الخام المنتشرة على ساحل الخليج الأميركي في الأسابيع المقبلة، في أعقاب الخفض الطوعي، الذي دخل حيز التنفيذ بدءًا من شهر مايو الجاري، حسبما أوردت وكالة رويترز.
ومن شأن خفض الإنتاج الطوعي من قِبل بعض دول أوبك+ بواقع 1.16 مليون برميل يوميًا أن يقلص مخزونات النفط الحامض، مع تسريع مصافي النفط الأمريكية وتيرة مشترياتها من السلعة خلال موسم الصيف، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
في غضون ذلك يُسهم غلق شل، شركة النفط الأنغلو هولندية، خط أنابيب النفط زيديكو التابع لها على ساحل خليج المكسيك، الذي تبلغ سعته الإنتاجية 375 ألف برميل يوميًا، في أبريل(2023)، بسبب حادثة تسرب -أيضًا- في تقليص الإمدادات، حسبما قال تجار ومحللون.
وقفزت أسعار خام مارس الحامض مؤخرًا، إلى 1.60 دولارًا للعقود الآجلة للخام الأمريكي في تعاملات الثلاثاء 9 مايو (2023)، مُسجلةً أعلى مستوى لها منذ سبتمبر (2020)، وفق ما ذكره تجار.
وفي معرض تعليقها على الحراك الأخير الذي شهدته حركة الطلب على هذا النوع من النفط، قالت رئيسة قسم الخام في أمريكا الشمالية لدى مؤسسة “إنرجي أسبيكتس” الاستشارية جينا ديلاني: “نرى الطلب على النفط الحامض يرتفع بقوة عالميًا”.
وأضافت: “سعة المصافي الجديدة التي دخلت حيز التشغيل شرق قناة السويس في مصر سُتسهم -أيضًا- في زيادة الطلب على النفط الحامض خلال المدة المتبقية من العام الجاري (2023)”.
من جهته قال كبير محللي النفط للأميركتين في مؤسسة “كيبلر” مات سميث: “الكثير من مصافي النفط على ساحل خليج المكسيك أضحت مهيأة -تمامًا- لمعالجة الخام الحامض؛ إذ تسحب أقل كمية هذا الخام من الشرق الأوسط، بينما تكثف وارداتها الآتية من البرازيل”.
وأوضح سميث: “أسعار النفط الحامض الواردة من الشرق الأوسط مرتفعة جدًا؛ ما يحول دون زيادة استيراده من قبل مصافي النفط الواقعة على ساحل الخليج الأميركي؛ ومن ثم يحفزها على تحويل وجهتها إلى أميركا اللاتينية -ولا سيما البرازيل- لجلب شحنات النفط الحامض المنقولة بحرًا”.
وتُعَد مصافي النفط الأمريكية فاليرو إنرجي جروب، وماراثون بتروليوم كورب، ووايتنغ المملوكة لشركة النفط البريطانية بي بي، الواقعة في منطقة الغرب الأوسط، أكبر مشترٍ للنفط الحامض، حسبما ذكرت كبيرة المديرين في مؤسسة “آي آي آر إنرجي” هيلاري ستيفنسون.
وفي أبريل (2023)، بلغت صادرات شيفرون، عملاقة الطاقة الأمريكية، 140 ألفًا و876 برميلًا يوميًا من النفط الحامض والثقيل الفنزويلي، بحسب البيانات الصادرة عن كل من منصة التحليل المالي “ريفينيتف إيكون” وشركة النفط الوطنية الفنزويلية “بدفسا”.
وجاءت تلك الصادرات بموجب ترخيص أميركي يتيح استيراد النفط الحامض للمرة الأولى منذ 4 سنوات، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال المدير التجاري في فاليرو إنرجي جاري سيمونس: “نعتقد أن مزيدًا من إنتاج شيفرون من تلك المنطقة (فنزويلا) سيُخصص لساحل الخليج”.
على صعيد متصل، أشار مسؤولون تنفيذيون في مصافي النفط إلى أن الزيادة المتوقعة في إنتاج كندا من النفط الحامض قد يرفع وتيرة ضخ تلك السلعة في السوق.
لكن التوسع في بناء خط أنابيب ترانس ماونتن الكندي في العام المقبل (2024) سيُعيد توجيه مزيد من النفط الكندي إلى ساحل المحيط الهادئ، بدلًا من ساحل الخليج الأمريكي، حسبما يرى كبير محللي النفط للأميركتين في مؤسسة “كيبلر” مات سميث.
وشهد إنتاج أوبك+ النفطي هبوطًا بواقع 380 ألف برميل يوميًا، في شهر أبريل (2023)، قياسا بشهر مارس (2023)، وفق نتائج دراسة مسحية لمنصة “إس أند بي غلوبال بلاتس”.
وتراجع إنتاج أوبك+ النفطي، من الدول غير الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” بقيادة روسيا بواقع 10 آلاف برميل يوميًا، مُسجلًا 13.39 مليون برميل يوميًا.
وسيواصل إنتاج أوبك+ النفطي الهبوط على الأرجح بدءًا من مايو (2023)، متأثرًا بالخفض الطوعي للإنتاج من قِبل عدد من الدول الأخرى.